دورة تدريبية للناشرين تنظمها هيئة الشارقة للكتاب بالتعاون مع جامعة نيويورك ومشاركة 161 ناشراً من 18 دولة
الاقتصادات الناشئة تمثل فرصة غير مسبوقة لتوسع صناعة الكتاب والسوق الرقمية العربية تشهد نمواً متسارعاً بمعدل سنوي مركب يبلغ 147%

الشارقة / أكد خبراء ومتحدثون دوليون أن الأسواق الناشئة تمثل فرصة غير مسبوقة لتوسع صناعة الكتاب عالمياً، مشيرين إلى أن تجاوز التحديات القائمة يتطلب بنية تحتية مؤسسية وتشريعية متكاملة، وتعزيز الشراكات بين الناشرين والجهات الحكومية لضمان نمو مستدام لقطاع النشر. كما لفتوا إلى النمو المتسارع لصناعة الكتب الصوتية، وأن السوق الرقمية العربية تشهد نمواً متسارعاً بمعدل سنوي مركب يبلغ 147%.

جاء ذلك خلال الدورة التدريبية للناشرين العرب والأفارقة 2025، التي نظمتها هيئة الشارقة للكتاب اليوم (السبت)، بالتعاون مع جامعة نيويورك، بمشاركة 161 ناشراً من 18 دولة، من بينهم 75 ناشراً من القارة الإفريقية، إلى جانب حضور نخبة من الكتّاب والمتخصصين في صناعة النشر من مختلف أنحاء العالم.

وركّز البرنامج هذا العام على ثلاثة محاور رئيسية تشمل: إدارة المحتوى الصوتي وتطوير الاستراتيجيات الفعّالة في نشر الكتب المسموعة، وتحويل الأعمال العائلية في قطاع النشر إلى علامات تجارية عالمية، واستراتيجيات التوزيع الرقمي الحديثة، بما يعكس التوجه المتنامي نحو الابتكار في صناعة النشر، وتبنّي أحدث التقنيات لتعزيز انتشار المعرفة، وتوسيع الأسواق أمام الناشرين من العالم العربي وإفريقيا.

برنامج يجمع تجارب قادة الصناعة
وفي كلمته خلال افتتاح البرنامج، أكد منصور الحساني، مدير إدارة خدمات النشر في هيئة الشارقة للكتاب، أن الهيئة تنظم هذه الدورة ضمن جهودها المستمرة بقيادة سمو الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة الهيئة؛ لتعزيز قدرات العاملين في قطاع النشر، وتمكينهم من الاطلاع على تجارب قادة الصناعة في العالم، بما يسهم في تبادل المعرفة وبناء جسور التعاون بين الناشرين من مختلف الدول، من أجل تطوير الصناعة ورفع كفاءتها.
بدورها، ألقت أندريا تشامبرز، العميد المساعد في مركز جامعة نيويورك للنشر والكتابة والإعلام، كلمة رحبت فيها بالمشاركين، مشيرة إلى أهمية هذه المنصة في تبادل أفضل الممارسات والاستراتيجيات التي تدعم نمو صناعة النشر وتطوّرها. وأكدت تشامبرز أن البرنامج يشكل فرصة لتوسيع آفاق التعاون بين الناشرين العرب والأفارقة، واستكشاف وسائل أكثر فاعلية للوصول إلى جماهير جديدة وتعزيز انتشار الكتاب، بما يسهم في ازدهار قطاع النشر على المستويين الإقليمي والعالمي.

القصة جزء من طبيعة الإنسان
وفي كلمته الرئيسية خلال افتتاح أعمال البرنامج، ربط ماركوس دول، المدير التنفيذي السابق لشركة “بنغوين راندوم هاوس”، فرص تطوير مستقبل صناعة الكتاب بالحقائق والاتجاهات المرتبطة بقطاع النشر في الاقتصادات الناشئة، التي تضم نحو 6.9 مليارات نسمة، مشيراً إلى أنها تمثل فرصة غير مسبوقة لتوسيع صناعة الكتاب عالمياً.
وأوضح ماركوس دول أن الهند أصبحت عاشر أكبر سوق للكتب في العالم من حيث عدد العناوين الصادرة، وأن مبيعات الكتب في البرازيل والمكسيك تشهد ارتفاعاً ملحوظاً منذ عام 2024، فيما يُتوقع أن تصل قيمة سوق الكتب في إفريقيا إلى 18.5 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2050، بينما يتجه سوق الكتب التجارية في جنوب شرق آسيا إلى نموّ سنوي بنسبة 4% خلال العقد المقبل.
وأشار دول إلى أن الأسواق الناشئة، رغم ما تمتلكه من فرص واعدة، لا تزال تواجه مجموعة من التحديات المؤسسية والهيكلية، من أبرزها ضعف الدعم الحكومي والمؤسسي، وغياب الحماية الكافية لحقوق النشر والملكية الفكرية، إلى جانب تباطؤ سلاسل التوريد وتعقيدها، واختلال التوازن بين الواردات والصادرات في تجارة الكتب والحقوق، مؤكداً أن تجاوز هذه العقبات يتطلب بناء بنية تحتية مؤسسية وتشريعية قوية، وتعزيز الشراكات بين الناشرين والجهات الحكومية لضمان نمو مستدام لصناعة النشر في هذه الأسواق.

استثمار الكتب الصوتية
وشهدت الدورة التدريبية انعقاد جلسة بعنوان “استثمار الكتب الصوتية: استراتيجيات فعّالة للناشرين الكبار والصغار”، قدّمتها أماندا داتشيرنو، الرئيس العالمي لشركة “بنغوين راندوم هاوس أوديو”، والتي أشارت إلى أن قطاع الكتاب الصوتي في العالم العربي، الذي يضم 400 مليون ناطق باللغة العربية، لديه فرصة هائلة؛ إذ إنه وبينما استمع حوالي 30% من سكان العالم إلى كتاب صوتي واحد على الأقل في حياتهم، يوجد 12,000 عنوان متاح باللغة العربية فقط.
وشددت داتشيرنو على الإمكانات الواسعة لصناعة الكتب الصوتية، موضحة أن نجاح التجربة السمعية يعتمد على الجودة، داعيةً إلى الاستثمار في رواة محترفين وتوعية الجمهور بقيمة المحتوى الأصلي عالي الجودة مقارنة بالمحتوى منخفض المستوى أو المولّد بالذكاء الاصطناعي.
وسلّطت أماندا الضوء على أهمية التسويق الذكي لهذا النوع من النشر، مشيرة إلى أن الراوي المعروف يمكن أن يضاعف من انتشار العمل، وأن الترويج لاستخدام الكتب الصوتية في أوقات التنقل والعمل المنزلي وممارسة الرياضة يسهم في جذب مستمعين جدد. واختُتمت الجلسة بأنشطة جماعية قُسّم فيها الحضور إلى مجموعات لتطوير مفاهيم تسويقية خاصة بالكتب الصوتية.
استراتيجيات جديدة للمبيعات
بدورها، قدمت بروك أودونيل، النائب الأول لرئيس تطوير الأعمال الدولية في مجموعة الناشرين المستقلين (Independent Publishers Group)، خلال جلسة “استكشاف استراتيجيات جديدة للمبيعات”، رؤية شاملة للتوسّع في الأسواق الدولية، موضحةً أن النجاح يتطلب تطوير استراتيجية عالمية واضحة لتحديد الأسواق الجديدة واختيار شركاء توزيع موثوقين، مع الاستفادة من الطباعة عند الطلب لتقليل التكاليف وتسريع الوصول إلى القرّاء. كما شددت على أهمية مراعاة الفوارق اللغوية والثقافية لضمان وصول المحتوى بفاعلية.
من جانبها، استعرضت ماريانا فيغد، المدير العام لشركة “بوكواير” في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نمو أعمال الشركة التي تضم أكثر من 2500 عميل في سبع أسواق، وتوزّع ما يزيد على مليون كتاب إلكتروني و200 ألف كتاب صوتي، مشيرةً إلى أن الكتب الصوتية تمثل المصدر الأكثر ربحية؛ إذ تولّد نحو 71% من الإيرادات الرقمية، مؤكدةً أن السوق الرقمية العربية تشهد نمواً متسارعاً بمعدل سنوي مركب يبلغ








