“بريدج” يلتقي رواد وصنّاع السياسات الإعلامية في المنتدى الدولي للاتصال الحكومي استعدادًا لقمة 2025 في أبوظبي

الشارقة /
ضمن جولتها العالمية التحضيرية لـ “قمة بريدج 2025″، الحدث الأضخم عالميًا في صناعة الإعلام والمحتوى والترفيه، والتي تُنظَّم في أبوظبي من 8 إلى 10 ديسمبر المقبل، استضافت إمارة الشارقة فعالية خاصة لـ “بريدج”ضمن أعمال المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في دورته الرابعة عشرة، بمشاركة نخبة من قادة الإعلام والفنون وصناعة المحتوى، إلى جانب المسؤولين الحكوميين والعاملين في مجال الاتصال الحكومي.
وشكل المنتدى محطة استراتيجية لعرض رؤية “بريدج” الهادفة إلى بناء جسر عالمي يعزّز العمل المشترك في قطاعات الإعلام والمحتوى والترفيه، ويرتقي بالتواصل الفعّال في أكثر القطاعات تأثيرًا في وعي الشعوب وذائقتها، كما أتاح المنتدى في الشارقة بيئة محورية لاجتماع المسؤولين الحكوميين والعاملين في الاتصال الحكومي، وفتح المجال أمام مناقشة الرؤى والتجارب وتطوير أدوات الاتصال بما يواكب التحولات المتسارعة عالميًا، في سياق التحضير لمسارات القمة المرتقبة في أبوظبي.
“الدولي للاتصال الحكومي” محطّة لانطلاق “بريدج” من الشارقة
وخلال كلمته، أكد سعادة الدكتور جمال محمد عبيد الكعبي، المدير العام للمكتب الوطني للإعلام في دولة الإمارات العربية المتحدة ونائب رئيس “بريدج”، أن المنتدى الدولي للاتصال الحكومي يمثل محطة طبيعية لانطلاق “بريدج” من الشارقة، لأنه يضع جوهر الاتصال الحكومي في قلب صناعة الإعلام والمحتوى.
وأوضح أن الإعلام لم يعد شاشة أو صحيفة فقط، بل منظومة متكاملة من الغايات والأدوات التي تؤثر في وعي الشعوب وتنميتها، وترسم العلاقات بين الدول والمجتمعات.
وأشار إلى وجود فجوة في غياب منصة شاملة تجمع المبدعين والمستثمرين والموزعين في فضاء واحد، وهو ما تسعى “بريدج” إلى معالجته عبر إنشاء منظومة عالمية دائمة للتعاون والابتكار، تصب في وجهة واحدة هي صناعة مستقبل الإعلام والمحتوى.
وقال سعادته: “الاتصال الحكومي اليوم لم يعد مجرد بيانات وتصريحات رسمية، بل يمر عبر السينما والدراما والمحتوى الترفيهي والحوار العام، ليصل إلى الجماهير بطرق أسرع وأعمق وأكثر تأثيرًا. ومن هنا تأتي أهمية ‘بريدج’ كمنظومة عالمية تمنح الحكومات وصنّاع القرار فرصة نادرة لإعادة تعريف دورهم، من صناعة الرسائل إلى هندسة التأثير، ومن متابعة الاتجاهات إلى المشاركة في صياغة السياسات والمعايير الدولية. في بريدج، لا نفصل بين الحكومات وصنّاع المحتوى، بل نضعهم على طاولة واحدة لنعيد رسم ملامح المستقبل.”
وقال: “إنّ “قمة ‘بريدج’ 2025 لن تكون مجرد ملتقى إعلامي، بل رؤية شاملة تُعيد وضع الإعلام والمحتوى والترفيه في مكانها الصحيح كركائز للتنمية والثقافة والحضارة، وتبني الإمارات من خلالها منصة تدعم وتربط وتمكّن، ليس من أجل حدث عابر، بل من أجل منظومة دائمة تصنع القيمة والفرص وتفتح الطريق لشراكات تتجاوز الحدود”.
صناعة المحتوى لترك بصمة تتجاوز حدود العمر والزمن
وشهدت الفعالية جلسة حوارية بعنوان “جسور لا جدران” مع صانع المحتوى المعروف طارق سكيك، الذي قدّم رؤيته حول الدور الإنساني العميق للمحتوى في حياة الأفراد والمجتمعات. وأوضح أن الدافع وراء صناعة المحتوى ومشاركته مع الآخرين ليس رغبة في الانتشار أو التفاعل، بل حاجة داخلية لترك بصمة تتجاوز حدود العمر والزمن، بصمة تبقى شاهدة على ثقافة الشعوب وإبداعها.
وقال سكيك إن ما يوحّد البشر أكبر بكثير مما يفرقهم، ومع ذلك اعتاد الناس أن يحيطوا أنفسهم بجدران افتراضية وجماعات مغلقة. وأضاف: “كتبت ذات مرة خاطرة بعنوان (كنتم خير أمة)، ونظرت من خلالها إلى ما نمتلكه كشعوب من إرث ثقافي وحضاري وإبداعي، فوجدت أننا بالفعل نملك ما يؤهلنا لنكون قدوة ومصدر إلهام للعالم”.
ودعا كل فرد، مهما كان مجاله أو تخصصه، ليكون جزءاً من هذه المسؤولية المشتركة؛ فالمهندس، والطبيب، والمعلم، والطالب، والإعلامي، جميعهم قادرون على إنتاج محتوى يرسّخ صورة إيجابية عن مجتمعاتهم، ويقدّم رواية مختلفة عن تلك التي يفرضها الآخرون.
الدور المحوري للإعلام في نشر القيم وبناء المجتمعات
كما تضمنت الفعالية جلسة فكرية بعنوان “رؤى تأسيسية لإعلام يصنع مجتمعات أقوى” قدّمها الأكاديمي والمحلل السياسي الدكتور معتز عبد الفتاح، وأدارتها الإعلامية لينة حسب الله. وتطرق خلالها إلى الدور المحوري للإعلام في نشر القيم وبناء مجتمعات أكثر تماسكاً، مؤكداً أن مسؤولية الدول لا تقتصر على نشر الحقائق فقط، بل تشمل مسؤولية أخلاقية لترسيخ قيم أساسية مثل المبادرة الاقتصادية، والاستهلاك الواعي، والالتزام بالمعرفة العلمية.
وأشار إلى تجارب ناجحة مثل تجربة الإمارات في تنظيم الإعلام وتعزيز دوره، وتجربة مهاتير محمد في ماليزيا، حيث أسس مجلساً أعلى للقيم كان له دور بارز في دفع عجلة التنمية. واعتبر أن الإعلام لا يمكن أن يعمل بمعزل عن مؤسسات صناعة الوعي الأخرى كالمدارس والخطاب الديني والسياسي، داعياً إلى تنظيم مؤتمرات تجمع المؤثرين وصناع المحتوى لمناقشة ضوابط واضحة تضمن إنتاج محتوى مسؤول وهادف. كما أكد أن الذكاء الاصطناعي سيكون محركاً أساسياً لإعادة صياغة المستقبل الإعلامي، وأن التحدي يكمن في بناء مناعة ضد مخاطره بدلاً من محاولة منعه.