وسط انطلاق الدورة العاشرة الأردن يحتفي بالعقد الأول لمهرجان المفرق للشعر العربي
العويس: الأردن ذاكرة ثقافية وبصمة إبداعية ..الرواشدة: بيوت الشعر مبادرة ثقافية رائدة من الشارقة للوطن العربي

عمّان- ثمّن وزير الثقافة الأردني معالي مصطفى الرواشدة، الجهود الثقافية الرائدة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ودعم سموّه المتواصل للحراك الشعري العربي، مشيداً بمبادرات الشارقة الهادفة لترسيخ مكانة الشعر وتعزيز التواصل بين المبدعين العرب من خلال تأسيس بيوت الشعر في الوطن العربي.
جاء ذلك، خلال لقاء جمع معالي الرواشدة مع سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، إيذاناً بانطلاق فعاليات الدورة العاشرة من مهرجان المفرق للشعر العربي.

وقدّم الرواشدة التهنئة على مرور عشر سنوات على انطلاق مبادرة بيوت الشعر في الوطن العربي، مؤكداً الحضور الثقافي الفاعل للبيوت على المستوى العربي، وبما قدّمته من مساحة رحبة للشعراء والمبدعين على مدار عقد من الزمن.
وركّز وزير الثقافة على أهمية التعاون الثقافي بين وزارة الثقافة الأردنية ودائرة الثقافة في الشارقة الممتد منذ عشرات السنوات، إذ أنتج العديد من المبادرات والفعاليات والأنشطة الثقافية، مؤكداً أن العمل الثقافي مهم في تجسيد العلاقات وتوثيقها بين المملكة الأردنية الهاشمية ودولة الإمارات العربية المتحدة، لافتاً إلى أن تجدّد اللقاء مع دائرة الثقافة وسط أجواء احتفائية بالشعر ومبدعيه، إنما يدل على الدعم الحقيقي للحركة الثقافية في كافة أنحاء الوطن العربي.
وقال العويس، في بداية حديثه، “عندما نأتي إلى الأردن، فإننا نخرج من بيت إلى بيت، ومن بلد إلى بلد، وكأن المكان مكان واحد”، لافتاً في هذا الصدد” حينما أعلن توجهيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، عن المبادرة الرائدة بإنشاء بيوت للشعر في الوطن العربي؛ كانت الأردن الوجهة الأولى لبيوت الشعر، ومدينة المفرق المحطة التي انطلقت منها هذه المبادرة الثقافية المضيئة، قبل أن تمتد على اتساع الجغرافيا العربية وصولًا إلى المحيط الأطلسي في نواكشوط”.
وأكّد العويس أن مبادرات الشارقة في الأردن تمثل نتاجاً للتعاون البنّاء بين دائرة الثقافة ووزارة الثقافة الأردنية، معرباً عن تقديره للجهود التي بذلتها الوزارة لتسهيل هذا التعاون.
وشهد اللقاء تقديم دعوة من رئيس دائرة الثقافة إلى وزير الثقافة، لتنظيم ملتقى الشارقة للسرد في دورات قادمة في العاصمة الأردنية عمّان، ليستقبل الوزير الرواشدة الدعوة بترحاب كبير، مؤكّداً أن أبواب الأردن ستظل مفتوحة دائماً أمام أي مشاريع ثقافية مشتركة مع الشارقة.
كما شهد اللقاء إهداء رئيس دائرة الثقافة في الشارقة نسخة من مجلة الشارقة الثقافية، في عددها الصادر لشهر أكتوبر الحالي، إلى معالي الرواشدة، حيث تحمل المجلة تصميماً لمهرجان المفرق للشعر العربي.
وبعد ذلك، وتحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، انطلقت فعاليات مهرجان المفرق للشعر العربي في دورته العاشرة، بتنظيم من دائرة الثقافة في الشارقة وبالتعاون مع وزارة الثقافة الأردنية.
أقيم حفل افتتاح المهرجان في المكتبة الوطنية في العاصمة الأردنية عمّان، بحضور سعادة عبد الله بن محمد العويس، والاستاذ محمد إبراهيم القصير، ومدير المكتبة الوطنية فراس الضّرابعة، إضافة إلى مثقفين وأدباء وأكاديميين أردنيين وعرب، وعدد كبير من محبي القصيدة.
“ذاكرة وأثر”
ألقى العويس كلمة استعاد فيها بدايات انطلاق بيت الشعر في المفرق، وقال: “لكل بداية ذاكرة راسخة، وللأردن خصوصيّة في الذاكرة الثقافية؛ فمنها انطلقت مبادرة “بيوت الشعر” إلى كافة أنحاء الوطن العربي، وكان بيت الشعر في المفرق، الذي تأسّس في عام 2015، أولى ثمار هذه المبادرة الثقافية الرائدة، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة”..
وأضاف: “يسرّنا اليوم أن نحتفي بانطلاق الدورة العاشرة، من مهرجان المفرق للشعر العربي من العاصمة عمّان ، استمرارا لمسيرة العطاء، التي جعلت بيت الشعر نموذجا، في المشهد الثقافي
العربي، في ظلّ تعاون وثيق، بين دائرة الثقافة في الشارقة ووزارة الثقافة الأردنية، منبثق من علاقات أخوية راسخة، بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية، برعاية القيادة الرشيدة في البلدين”..
وأشار العويس في الكلمة إلى جهود بيت الشعر، والأثر الذي تركه المهرجان، وقال: “لقد قدّم بيت الشعر في المفرق منذ تأسيسه جهودا ثقافية رائدة، ولم يمر عامٌ خلال الأعوام العشرة الماضية، دون أن يترك مهرجانه بصمته الشعرية الواضحة، حيث اعتلى منبره كبار الشعراء، إلى جانب الأصوات الشابة، في مشهد يشي بالإبداع المتكامل. كما يحفل موسمه الثقافي بالعديد من الأنشطة المتميزة، التي تتضمن القراءات الشعرية، والدراسات النقدية الهادفة، إضافة إلى إصدار مجموعات جديدة من الدواوين الشعرية، ليؤكد دوره البارز منارةً للإبداع الشعري والثقافي، في الأردن والوطن العربي”..
وتقدّم رئيس دائرة الثقافة بجزيل الشكر والتقدير، إلى وزارة الثقافة الأردنية، على تعاونها الدائم، الذي أثمر تنظيم العديد من الأنشطة الثقافية المتنوعة، ونقل تحيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتمنياته للمشاركين في المهرجان بالنجاح والتوفيق.
“حاضنة أولى”
ألقى مدير المكتبة الوطنية فراس الضّرابعة كلمة وزير الثقافة، ورحّب في بدايتها بالحضور، وقال: “نعتزّ بمبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في تأسيس بيوت الشعر في الوطن العربي، وقد لاقت هذه المبادرة منذ انطلاقها ترحابا كبيرا من قبل وزارة الثقافة، وكانت المفرق حاضنة لأول بيت من بيوت الشعر، إيمانا منها بدور الكلمة في بناء الوعي وترسيخ القيم الجمالية والإنسانية في المجتمعات العربية”.
وأضاف الضّرابعة من كلمة وزير الثقافة أن مهرجان المفرق للشعر العربي يمثّل منبراً لتأكيد مكانة اللغة العربية وعاءً للهوية ورافعة للأدب والفكر، مثمناً عاليا جهود دائرة الثقافة في تنظيم هذا الحدث الشعري السنوي الذي أصبح علامة ثقافية فارقة في الساحة الأردنية والعربية.
“شارقة الآداب والعلوم”
وفي كلمته، قال مدير بيت الشعر في المفرق فيصل السرحان: “ها نحن نجتمع من جديد في مهرجاننا الشعري في دورته العاشرة، ومن خلال تذوقنا للكلمة الصادقة والحرف النقي، والإبحار على أمواج لغتنا العربية السائرة نحو العالمية، بفضل رعاية كبيرة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة”.
وأضاف: “يأتي المهرجان احتفالا بمرور عشرة أعوام على تأسيس بيت الشعر، ونستذكر خلال هذه المسيرة ما تم انجازه تجسيدا للمبادرة التي انطلق من خلالها، وأقول شكرا لشارقة الآداب والعلوم”.
“قراءات”
في أولى أمسيات المهرجان، قرأ الشعراء: محمد العموش، وبكر المزايدة، وعلي الفاعوري، وعضيب عضيبات، وعبد الرحيم كافية، قصائد تنوعت في موضوعاتها وأساليبها، فبين الوجداني، والوطني، والإنساني، عبّرت النصوص عن عمق التجربة الشعرية وثراء اللغة وإيقاعها، ولاقت تفاعلا واسعا مع الجمهور.
وأهدى العموش أولى أبيات شعره إلى صاحب السمو حاكم الشارقة، يقول:
لك سيّدي في المكرمات عُلوُّ شأن القواسم، رفعةٌ وسموُّ
ظمئت إلى الماء الزّلال مدينتي فَرَنتْ إليك لأنّك المرجوُّ
فوسمتها شرفاً شرفاً بأوّل غيمة فارَ. الربيع بها وفاح الجوُّ
ومدينتي مذ أُرويت فتّانةٌ والشعر مـذ أكرمته مـَزهوُّ
ومضى يقرأ من قصيدة ثانية في حب الشارقة، يقول:
عانقت شارقة الإبداع منطفئا فوزعتني على أبوابها وهجا
وقادني الشعر من عمّانه عبقا لما تفاوح من (سلطانه) أرجا.
وأنشد الفاعوري يقول:
سآوي أنا للظامئين لأتقي من الماء ما لا تستطيع مشاربي
وإن ضاق بي ليل البلاد فإنني ألوذ بوجه كان في العتم صاحبي
وأعرف أن الحلم أضيق ساحة إذا كان بيتاً من بيوت العناكب
خرجت من الصحراء دون قوافلي وكان صديقي الرمل أغلى مكاسبي
ومن نشيد الهوى للأردن، قرأ المزايدة:
من أين يبدأ بالغناء الحادي والمفردات تزاحمت بمدادي
وحروف شعري بالحنين تعطرت والوجد ينطف من شفاه ودادي
أردن تزهو فيك كل قصائدي وهواك يصهد في شغاف فؤادي
تترنح الآمال في تلك الربى والنور خيّم في ذرى الأطوادِ
“تكريمات”
في ختام حفل الافتتاح، كرّم العويس والقصير يرافقهما الضّرابعة شعراء أولى أماسي مهرجان المفرق للشعر العربي، بتسليمهم شهادات تقديرية، تثميناً لجهودهم الإبداعية، والإضافة الأدبية النوعية التي اسهموا في تقديمها خلال القراءات.
“توثيق تسجيلي”
شاهد الحضور عرضاً تسجيلياً يوثّق مسيرة بيت الشعر في المفرق على مدى عقد من الزمن، بدأت بلقطات البدايات الأولى لتأسيس بيوت الشعر، واستعرضت المشاهد مراحل تطور البيت وأبرز محطاته الثقافية البارزة التي رسخت حضوره محلياً وعربياً.
“الخطّ العربي”
ضمن اهتمام بيت الشعر في المفرق باللغة العربية وفنون الخط العربي؛ رافق حفل افتتاح المهرجان معرض لفن الخطّ العربي، قدّم خلاله مجموعة من الطلاب أكثر من 20 لوحة تنوعت في أساليبها وخطوطها، عكست جمال الحرف العربي وإبداع الطلبة في توظيفه فنيا، وحملت اللوحات خطوط: الرقعة، والديواني، والنسخ، والتعليق، والثلث، والثلث الجلي، والكوفي، والكوفي المصحفي، وغيرها من الخطوط.
وشهد المعرض ورشة حيّة شارك فيها عدد من الطلاب، أنجزوا خلالها للحضور اقتباسات وأبيات شعر وعبارات متنوعة، أضفت طابعا تفاعليا وجماليا على أولى أيام مهرجان المفرق للشعر العربي.
“معرض إصدارات الدائرة”
صاحب المهرجان معرض لعدد من إصدارات دائرة الثقافة في الشارقة، وكان من بينها: مجلة الشارقة الثقافية، ومجلة الرافد، ومجلة القوافي، ومجلة المسرح، وعدد كبير من المؤلفات الشعرية، والروائية، والنقدية، والمسرح، ليشهد إقبالاً واسعاً.
“من عمّان إلى إربد”
يشار إلى أن مهرجان المفرق للشعر العربي سيواصل أمسياته في العاصمة عمّان، على أن يتنقّل في آخر أيامه إلى محافظة إربد شمال الأردن، ليصبح المهرجان مهرجان الكلمة والمكان في آن معاً.








