اليوم الثاني من القمة العالمية للمدن..وزارة الاقتصاد والسياحة الاماراتية ومدينة إكسبو دبي تطلقان مجمع ابتكارات الاستدامة لتحفيز النمو
نائب عمدة نيويورك: النمو لا يجب أن يقاس فقط بالناتج الاقتصادي، بل بـ "الكرامة والإنصاف وسهولة الوصول".. شيخة ناصر النويس: المدن الحية منصات للاستدامة والتواصل الإنساني وتشكل مستقبل السياحة العالمية

دبي – تستمر اليوم في مدينة إكسبو دبي فعاليات القمة العالمية للمدن، التي تهدف لرسم ملامح مستقبل التنمية الحضرية المستدامة. وتستضيف القمة، التي تُعد الحدث الأبرز في أجندة التعاون المدني الدولي، نخبة من القادة وصانعي القرار ورؤساء البلديات من كل أنحاء العالم، بهدف صياغة رؤية مشتركة لمدن المستقبل القادم، وربط الالتزامات المناخية والاقتصادية بخطط عمل قابلة للتطبيق على أرض الواقع.

أكدت كاميلا جوزيف فارلاك، نائبة عمدة نيويورك للشؤون الإدارية، ورئيسة الموظفين والمستشارة الخاصة للعمدة، أن المدن هي محركات الفرص الأقوى في العالم والمستجيب الأول للتحديات الكبرى، مشددة على ضرورة تحول استراتيجيات المدن من الاستجابة للواقع إلى “التنبؤ بالعالم كما يتشكل“.
جاء ذلك في كلمتها الرئيسية ضمن فعاليات القمة العالمية للمدن، التي تستضيفها مدينة إكسبو دبي، حيث عرضت فارلاك دروساً مستخلصة من تجارب نيويورك في مواجهة الأزمات، بدءاً من العواصف والأوبئة وصولاً إلى الاضطرابات الاجتماعية.

التحول من التعافي إلى الشمولية
شددت فارلاك على أن مفهوم الاستعداد اليوم تجاوز فكرة التعافي من الأزمات، ليصبح هدفاً استراتيجياً لإعادة تشكيل أنماط التخطيط. وقالت: “الاستعداد يعني تصميم أنظمة يمكنها أن تنحني دون أن تنكسر، ويعني بناء الشراكات عبر القطاعات والحدود والأجيال. هدفنا ليس ببساطة التعافي من الاضطراب، بل أن نخرج منه أكثر قوة وإنصافا.”
وأشارت المسؤولة الأمريكية إلى أن نيويورك تدمج الذكاء الاصطناعي في إدارة الطوارئ وتعمل على تعزيز بنيتها التحتية للتكيف المناخي، مؤكدة أن الاستعداد يسمح للمدن بأن “تحلم بالكامل لأنها مرسخة بقوة.”
العمل المحلي يقود التقدم العالمي
ودعت نائبة العمدة إلى تعزيز التعاون الدولي بين المدن، مؤكدة أن التحديات في نيويورك ذات طبيعة عالمية، وبالتالي يجب أن تكون شراكاتها كذلك.
وفي هذا السياق، أبرزت جهود نيويورك في العمل مع أكثر من 193 بعثة دائمة لدى الأمم المتحدة والشبكات العالمية مثل C40 و U20، مشددة على أن “العمل المحلي يقود التقدم العالمي“.
كما أشارت إلى ريادة نيويورك في المراجعة الطوعية المحلية (VLR)، وهو إطار لقياس التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة، والذي تحول من مبادرة محلية إلى حركة عالمية تتبناها أكثر من 330 حكومة حول العالم.
الازدهار الشامل وعدالة الوصول
وفي ختام كلمتها، أكدت فارلاك أن قوة المدن تكمن في قدرتها على توفير فرص متساوية للجميع، مشددة على أن النمو لا يجب أن يقاس فقط بالناتج الاقتصادي، بل بـ “الكرامة والإنصاف وسهولة الوصول“.
واختتمت فارلاك بالقول: “إنني أؤمن بأن العصر القادم من القيادة العالمية سيُكتب بأيدي المدن التي ترى بعضها البعض حليفاً، وبأيدي القادة الذين يقدمون البصيرة على الخوف. قوة مدننا هي قوة الإنسانية ذاتها.”.
أكدت شيخة ناصر النويس، الأمين العام لمنظمة الامم المتحدة للسياحة أن المدن أصبحت اليوم منصات حية لترجمة أولوياتنا المشتركة في مجالات الاستدامة، والتحول الرقمي، والحوكمة، والتبادل الثقافي، مشيرة إلى أن هذه الركائز تشكّل الأساس لبناء قطاع سياحي وثقافي مسؤول وشامل.
جاء ذلك خلال كلمتها في قمة المدن العالمية 2025، حيث أكدت أن المدن تمثل روح الأمم لأنها تجمع بين الإنسان والبيئة والفرص، وتتيح المجال لترجمة الأفكار إلى واقع.
وقالت النويس إن السياحة الحضرية المستدامة أصبحت اليوم عنصراً محورياً في تعزيز تجربة الزائر وتحسين جودة حياة المجتمعات، موضحة أن النقل الأخضر، والابتكارات، والتحول الرقمي تسهم في تطوير منظومات سياحية أكثر استدامة وشمولاً. وأضافت: «كل قصة سياحية تبدأ من مدينة، فهي التي تشعرنا بالانتماء، وتخبر العالم من نحن، وتعكس كيفية تعاملنا مع بيئتنا».
وأشارت إلى أن برنامج «أفضل قرية سياحية» الذي أطلقته الأمم المتحدة يمثل مبادرة ملهمة تُظهر كيف يمكن للمدن أن تتعلم من القرى قيم الصدق والتواصل مع البيئة، مؤكدة أن السياحة في جوهرها تُعنى بالتواصل الإنساني وتحتفي بالتنوع والانتماء المشترك.
وشددت النويس على أهمية الاستثمار في الإنسان قبل البنية التحتية، من خلال التعليم وتنمية المهارات وتعزيز القيم الإنسانية، لافتة إلى أن العقد القادم سيكون للدول والمدن التي تفهم هذا التوازن وتفتح أبوابها للابتكار والتلاقي.
واكدت اهمية تصميم مدن تُلهم الناس، وتشعل فيهم شعلة الإبداع، وتمنحهم تجربة تتجاوز الرحلة السياحية نحو فهم أعمق للذات وللآخر. فمستقبل السياحة تُخطّه مدننا، في قصة تعاون وتواصل تلهم الإنسانية بأكملها»
المدن الذكية
ناقشت جلسة بعنوان «من بيانات ثرية إلى بيانات ذكية: إطلاق العنان للذكاء الحضري للجيل القادم من المدن» ضمن فعاليات القمة العالمية للمدن، مستقبل توظيف البيانات والتحول الرقمي في تطوير المدن، وأهمية الانتقال من مرحلة تراكم البيانات إلى مرحلة توظيفها بذكاء لدعم اتخاذ القرار وصياغة السياسات العامة.
وأدارت الجلسة الدكتورة سُكَيْنَة النصراوي، رئيسة محفظة التنمية الحضرية المستدامة في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، بمشاركة كل من معالي إيزينوو ويكي، وزير إقليم العاصمة الاتحادي في نيجيريا وعمدة أبوجا، وسارة الزرعوني، مديرة إدارة البيانات والتخطيط الإحصائي والحوكمة في هيئة دبي الرقمية، وسعيد الفلاسي، المدير التنفيذي لمركز دبي للذكاء الاصطناعي في مؤسسة دبي للمستقبل، وتوشار سينغفي، نائب الرئيس التنفيذي ورئيس الاستثمارات في مجموعة «الهلال للمشاريع»، وليمن تو، المدير الإقليمي للمبيعات في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا بمجموعة «ويلو».
وأكد المتحدثون أن المدن الذكية لم تعد تقتصر على استخدام التكنولوجيا، بل تقوم على منظومات متكاملة من البيانات التي تُحلل وتُستخدم لصياغة قرارات أكثر فاعلية، تسهم في رفع جودة الحياة وتعزيز الاستدامة.
وقال معالي إيزينوو ويكي إن بناء المدن الذكية في نيجيريا يقوم على خطط رئيسية تقودها رؤية واضحة تستجيب لمتطلبات المجتمع وتدعم الشمولية، مشيرًا إلى أن التعليم والتوعية يمثلان ركيزة أساسية للوصول إلى مدن أكثر ذكاءً. وأضاف: «لا يمكن لأي مدينة أن تُوصف بالذكية إن لم تُحسن جودة حياة سكانها من خلال استثمار البيانات وتوجيهها لخدمة التنمية».
من جانبها، أوضحت سارة الزرعوني أن دبي قطعت شوطًا طويلاً في رحلتها نحو التحول إلى مدينة ذكية، مشيرة إلى أن خطة البيانات الذكية بدأت قبل عشر سنوات، وتركز على تحقيق التوازن بين الابتكار وحماية البيانات. وقالت: «هدفنا هو بناء منظومة متصلة تجمع الحكومة والقطاع الخاص في شبكة موحدة لتبادل البيانات وفق معايير واضحة، وقد استثمرنا في بنية تحتية للمدينة تتيح مشاركة البيانات بسلاسة».
وأضافت أن منصة «دبي الآن» تُعد نموذجًا حيًا على ذلك التكامل، إذ تختصر الإجراءات وتُقدم الخدمات من خلال واجهة رقمية واحدة، مما يعكس نجاح حوكمة البيانات وتوظيفها في تطوير الخدمات العامة.
وفي مداخلته، أكد توشار سينغفي أن وفرة البيانات لا تعني بالضرورة الاستفادة منها، لافتًا إلى ضرورة وضع أسس واضحة لاستخدامها بالشكل الأمثل عبر شراكات قوية بين القطاعين العام والخاص. وقال: «المسؤولية مشتركة بين الجانبين للاستثمار في مراكز البيانات والبنية التحتية والتطبيقات التي تتيح تحويل البيانات إلى قيمة حقيقية».
أما سعيد الفلاسي من مؤسسة دبي للمستقبل، فأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يُمثل العنصر المحوري في تحويل البيانات إلى أدوات فاعلة لتطوير المدن، داعيًا إلى تعزيز التكامل بين الحلول التقنية والبيانات الحكومية لضمان استدامة التطوير.
واختتم ليمن تو حديثه بالتأكيد على أهمية بناء منظومات متكاملة تربط تحليل البيانات بالاحتياجات الفعلية للمدن، مشددًا على أن «التحول من بيانات ثرية إلى بيانات ذكية هو الطريق نحو مدن أكثر مرونة واستدامة في المستقبل»
تنويع اقتصادها الوطني
أعلنت وزارة الاقتصاد والسياحة ومدينة إكسبو دبي عن إطلاق أول مجمع لابتكارات الاستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وتهدف هذه المبادرة الرائدة إلى إعادة تعريف مفهوم التنمية الصناعية عبر الجمع بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية والمسؤولية المجتمعية.
وسيكون مجمع ابتكارات الاستدامة، الذي أطلق بالتعاون مع أربعة شركاء مؤسسين، بمثابة حافز قوي للنمو الصناعي المستدام، لجذب الشركات العالمية إلى الدولة والإسهام في تسريع تحقيق أهدافها الطموحة في تنويع الاقتصاد والعمل المناخي، تماشياً مع “استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050″ و”مئوية الإمارات 2071″ و”الاستراتيجية الوطنية للاستثمار 2031”.
وتعتبر “مدينة إكسبو دبي” الموقع الأمثل لإطلاق هذا المجمع ودعم الشركات الصديقة للبيئة، خاصة تلك المعنية بالطاقة النظيفة والاقتصاد الدائري والتقنيات الخضراء، من أجل تخفيض البصمة الكربونية وتحقيق النمو، لما توفره من بنى تحتية مستدامة جاهزة، ومنطقة حرة عالمية المستوى حائزة على جوائز مرموقة، والتزامها بتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، وإرثها الحافل في دفع عجلة التقدم المستدام والابتكار. كما تتميز بموقعها الاستراتيجي بالتوسط بين أبوظبي ودبي، ما يمثل صلة وصل لوجستية حيوية تربط ميناء جبل علي بمطار آل مكتوم الدولي، تعزز كفاءة التجارة العالمية.
وبهذه المناسبة قال معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد والسياحة: “يشكل إطلاق مجمع ابتكارات الاستدامة في “مدينة إكسبو دبي”، وهو الأول من نوعه في الدولة، محطة مهمة على طريق تحقيق طموحاتنا الاقتصادية والمناخية المستقبلية؛ إذ صُمم ليكون بمثابة محفز على النمو الاقتصادي المستدام، وبيئة حاضنة للشركات والمشاريع الناشئة التي تقود مسيرة التحول نحو نموذج الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري في الدولة. بما يخلق بيئة مستدامة تدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة على المدى البعيد”.
وأضاف معالي بن طوق: “ستستفيد الشركات العاملة في مجمع ابتكارات الاستدامة أيضاً من مسار الملكية الفكرية الخضراء الذي أطلقته الوزارة، بهدف تعزيز الابتكار، وتسريع توطين التكنولوجيا، ودعم تطوير مشاريع جديدة في اقتصاد المعرفة والاستدامة البيئية والاقتصاد الدائري. كما ستعزز المبادرة من جاذبية الدولة كوجهة للابتكارات والاستثمارات الخضراء والمستدامة، انسجاماً مع رؤية “نحن الإمارات 2031”. ومن خلال تعاوننا مع “مدينة إكسبو دبي”، نسعى إلى بناء منظومة متكاملة تجمع بين الازدهار الاقتصادي والمسؤولية البيئية، لتطوير حلول مستدامة في مجالات الطاقة النظيفة والكهرباء الخضراء، بما في ذلك توليد الكهرباء من مصادر متجددة مثل الطاقة الشمسية والمياه والرياح. ستدعم هذه المبادرة المستهدفات الوطنية للدولة بتحقيق الحياد المناخي، وترسيخ معايير جديدة للتطوير الصناعي الأخضر، لتصبح نموذجاً يُحتذى به في دول الجنوب العالمي”.
من جانبها، قالت معالي ريم إبراهيم الهاشمي، وزيرة دولة للتعاون الدولي والرئيس التنفيذي لسلطة مدينة إكسبو دبي: “يستند مجمع ابتكارات الاستدامة إلى إرث “مدينة إكسبو دبي” الغني في مجال الاستدامة وبناء مجتمع مترابط يعمل وفق نموذج الاقتصاد الدائري. وتجسد هذه المبادرة رسالتنا الأساسية الرامية إلى إحداث تغيير إيجابي يعزز أثرنا البيئي والاجتماعي والاقتصادي. وسيشكل المجمع وجهة جاذبة للشركات العالمية التي تتبنى مبادئ الاستدامة، ما يعزز مكانة الدولة كوجهة عالمية رائدة في مجال التنمية الاقتصادية الخضراء، واستثمار المهارات المحلية، والإسهام بشكل فاعل في ازدهار الوطن والعمل المناخي العالمي”.
الشركاء الاستراتيجيون
بناءً على الاتفاقية الاستراتيجية الرئيسية مع وزارة الاقتصاد والسياحة، سيدعم بنك إنتيسا سان باولو إنشاء منطقة الابتكار الأخضر في مدينة إكسبو دبي. يُعدّ بنك إنتيسا سان باولو، أحد أكبر المجموعات المصرفية في منطقة اليورو والبنك الإيطالي الوحيد الذي له وجود في دولة الإمارات العربية المتحدة، رائدًا في مجال تمويل الاقتصاد الدائري، حيث قدّم بالفعل أكثر من 14 مليار يورو على المستوى العالمي، ملتزمًا بتسريع المشاريع التي تُحوّل الاستدامة إلى نمو طويل الأجل. يُمثّل هذا التعاون خطوةً رئيسيةً في دفع أجندة الإمارات للتنمية المستدامة والنمو الأخضر والابتكار.
في إطار عملها في منطقة الابتكار الأخضر التي أُطلقت حديثًا، تُقدم نستله، أكبر شركة أغذية ومشروبات في العالم، الدعم من خلال نقل المعرفة والخبرة التقنية. وبناءً على إرثها العالمي في البحث والتطوير والابتكار، ستساهم الشركة في تحقيق مهمة المنطقة المتمثلة في تعزيز النمو الصناعي المستدام، وتطوير حلول الاقتصاد الدائري، ودفع عجلة التحول الأخضر في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وسيساعد “مجرى”، الصندوق الوطني للمسؤولية الاجتماعية للشركات في دولة الإمارات العربية المتحدة، في توجيه المشاريع البيئية والشركات المبتكرة إلى منطقة الابتكار الأخضر من خلال مبادراته مثل “تحدي التأثير المستدام” و”مستقبل 100″، مما يُسهم في إنشاء منصة وطنية تجمع بين الابتكار المستدام والاستثمار المسؤول والتأثير الاجتماعي الإيجابي.
ومن بين الشركاء المؤسسين شركة “بالم ميد” وهو شركة صناعية انطلقت من دبي، تُحوّل سعف النخيل إلى منتجاتٍ عالية الجودة قابلةٍ للتحلل. بتحويل هذا المورد الطبيعي الغني إلى بدائل مستدامة، تُعزز بالم ميد الابتكار الدائري المتجذر في دولة الإمارات العربية المتحدة. يُمثل انتقال الشركة إلى منشأةٍ جديدةٍ في مدينة إكسبو دبي خطوةً محوريةً في توسيع نطاق الإنتاج، وتسريع البحث والتطوير، وإطلاق خطوط إنتاجٍ جديدةٍ تُسهم في بناء مستقبلٍ أكثر استدامة.
وقالت سعادة الدكتورة ماريا حنيف القاسم، الوكيل المساعد لقطاع السياسات والدراسات الاقتصادية بوزارة الاقتصاد والسياحة: “يمثل مجمع ابتكارات الاستدامة مسعىً جماعياً لجهات ملتزمة بتعزيز الاقتصاد الأخضر وتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتسريع الابتكار الدائري والمستدام. ويجسد التزامًا مشتركًا – وطنيًا ودوليًا – بتعزيز الاستثمار المسؤول، وتمكين ريادة الأعمال الخضراء، ودفع عجلة العمل المناخي. ويتمثل جوهر هذه الرؤية في تعزيز الملكية الفكرية والتقنيات المستدامة التي تترجم الابتكار إلى أثر بيئي واقتصادي ملموس”.
وقال سانجيف كوسلا، نائب الرئيس للاستراتيجية المؤسسية في مدينة إكسبو دبي: “سيعتمد نجاح مجمع ابتكارات الاستدامة على التعاون بين جميع الجهات المعنية لتعظيم فوائد البنية التحتية المشتركة والعلاقات التكافلية والمستدامة. ويسعدنا إطلاق هذه المبادرة مع أربعة شركاء استراتيجيين بارزين، ونتطلع إلى الترحيب بالعديد من الجهات الجديدة مع توسع مجتمع ابتكارات الاستدامة”.
ويسعى “مجمع ابتكارات الاستدامة” إلى خفض الانبعاثات الكربونية والحدّ من النفايات، إذ يستهدف الشركات العاملة في الاقتصاد الدائري والزراعة الحضرية، أو تلك التي تقدم طيفًا من المنتجات والخدمات المستدامة، حيث توفر لها مساحات مخصصة للمكاتب والمتاجر ومنافذ المأكولات والمشروبات، إلى جانب وحدات صناعية خفيفة ومساحات مخصصة للزراعة.
وفي هذا الإطار، وضمن منطقتها الحرة التي حازت جائزة “المنطقة الحرة الواعدة” من إف دبي آي إنتلجنس العالمية، ستطلق “مدينة إكسبو دبي” الرخصة الخضراء الأولى من نوعها في دولة الإمارات، تهدف إلى جذب الجهات الملتزمة بالاستدامة البيئية والاجتماعية. وستُقدم هذه الرخصة مجموعة من الحوافز لتمكين الشركات من التأسيس والعمل بسلاسة، ، فيما تعتزم وزارة الاقتصاد والسياحة تأسيس مكتب للملكية الفكرية ضمن المجمع، بما يسهم في تعزيز البحث والابتكار. وتهدف هاتان المبادرتان إلى تعزيز تنافسية دولة الإمارات في جذب المبتكرين وتشجيع الممارسات المستدامة.
تم تصميم “مدينة إكسبو دبي” لتكون نموذجاً للتنمية الحضرية المستدامة، حيث تمتاز بمكانتها العريقة كموقع شهد استضافة “إكسبو 2020 دبي” ومؤتمر الأطراف COP28، لتشكل مركزاً ريادياً للمبتكرين في مجال الاستدامة ووجهة محفزة للشراكات والمبادرات.
وحصل المخطط الرئيسي لمدينة إكسبو دبي على الاعتماد المبدئي لاثنين من أهم نظم الاستدامة العالمية، حيث حقق معايير شهادة “لييد” البلاتينية للمدن والمجتمعات، وهي أعلى تصنيف من نظام “الريادة في الطاقة والتصميم البيئي”، الذي يعدّ الأكثر استخداماً في تصنيف المباني والمدن عالمياً، إلى جانب معايير شهادة “ويل كوميونتي”، وهي معيار دولي يركز على الصحة والرفاهية. وتتطلّع المدينة إلى الحصول على شهادة “ويل كوميونتي” الذهبية، فيما تبقى شهادة “لييد” الذهبية الحدّ الأدنى المطلوب لجميع المباني. كما نالت ثمانية مشروعات للبنية التحتية في المدينة تصنيف “ممتاز” ضمن برنامج “بريام”، وتطمح المدينة إلى تحقيق هذا التصنيف في جميع مشاريع البنية التحتية والمرافق العامة.
وتشكّل “مدينة إكسبو دبي” وجهة رائدة لاستضافة الفعاليات العالمية، حيث تضم مجموعة من المرافق الداخلية والخارجية الحاصلة على شهادة الأيزو 20121:2024، ما يجسد التزامها باعتماد أعلى معايير الاستدامة، ويؤهلها لاستضافة “مؤتمر إنفستوبيا الأخضر” Green Investopia المزمع عقده في عام 2026، والذي يركّز على أبرز توجهات الاستثمار الأخضر وسيعمل على جذب الاستثمارات إلى الإمارات وهذا المؤتمر هو حلقة من سلسلة مؤتمرات إنفستوبيا التي تنظمها وزارة الاقتصاد وسيسهم تعزيز مكانة مدينة إكسبو دبي بصفتها وجهة عالمية جامعة.
ويُعدّ جناح “تيرا”، الحاصل على شهادة “لييد” البلاتينية، نموذجاً رائداً في تصميم المباني المستدامة، إذ تم تصميمه ليحقق اكتفاءه الذاتي من الطاقة والمياه، ويشكّل مركز المدينة للتنوع البيولوجي والحفاظ على البيئة. وفي إطار مبادراتها الريادية لحماية الأرض، تعاونت المدينة مع “لجنة بقاء الأنواع” التابعة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN SSC) لإنشاء أول مركز في العالم لبقاء الأنواع مخصص للفطريات، كما تعدّ المدينة المكتب الإقليمي لبرنامج الجذور والبراعم (Roots & Shoots) التابع لمعهد “جين غودال”، وهو برنامج عالمي يُعنى بالتوعية البيئية وحماية الحيوانات والعمل الإنساني لفئة الشباب.
علاوة على ذلك، توفر “مدينة إكسبو دبي” بيئة حضرية متكاملة لتجربة الأفكار المستدامة وتطويرها، بما يحقق أثراً عالمياً، ويمنح الشركات ميزة تنافسية من خلال تعزيز كفاءة الموارد ودعم الابتكار والتعاون. وقد باشرت العديد من الشركات المتخصصة في الطاقة النظيفة وخفض الانبعاثات أعمالها في المدينة، منها ENGIEوSiemens Energy، وNestlé، وDS Energy، وCarbon Assurance، وCarbon Standard، وDNV.








