الفن

“بريدج 2025” يفتح حواراً عالمياً حول مستقبل صناعة السينما وتشهد دعوة إلى حماية السرد الإنساني من سيطرة التكنولوجيا

أبوظبي في 10 ديسمبر/ وام / أكد نخبة من صناع الأفلام العالمية، أن المواهب الكبيرة والقصص الجاذبة عوامل مهمة في صناعة الأفلام العالمية، منوهين بأهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع، لتطوير الجوانب الإبداعية وجعل الأعمال المقدمة حقيقية وأصيلة، ولكن ليس على حساب السرد القصصي، مع التعبير عن الخشية من مخاطر محتملة للإفراط في استخدامه بدون ضوابط قانونية أو أخلاقية.

جاء ذلك خلال جلسة بعنوان “صناعة الأفلام العالمية: الفرص والتحديات،” شارك فيها جاريد هارس الممثل البريطاني الشهير، وجين تيرتون الرئيسة التنفيذية لمجموعة “all3media”، وسيندي كاون منتجة أفلام حائزة على جائزة إيمي، وأدار الجلسة باتريك كاليجوري، مستشار الإعلام في المكتب الوطني للإعلام ، وذلك ضمن فعاليات الدورة الأولى من قمة بريدج 2025، أضخم حدث عالمي في قطاعات الإعلام والمحتوى والترفيه، والتي تقام في مركز أبوظبي الوطني للمعارض (أدنيك)، بمشاركة 430 متحدثاً من 45 دولة من كبار المبدعين، وصنّاع السياسات، والمستثمرين، وخبراء التكنولوجيا، والمؤسسات الإعلامية، وقادة الثقافة.

وقال جاريد هارس إن من الصعب التنبؤ بما سيحدث خلال السنوات العشر المقبلة في قطاع الأفلام”، مشدداً على ضرورة عدم إغفال أن جودة المحتوى الذي يفضله الجمهور تظل الأساس الذي يقوم عليه العمل الإبداعي، وأضاف أننا “بدأنا نرى تحول الوسائط بشكل واضح، إلا أن سلوك الجمهور لا يزال متباينًا ومتغيرًا تبعًا للمنصات وطبيعة المحتوى.

وأضاف أنه رغم أهمية التقنيات الجديدة، لا ينبغي أن تطغى على جوهر الحكاية، داعياً صنّاع المحتوى إلى “تقديم السرد على التقنية”، ناصحاً المواهب الشابة بأن تبدأ بسرد قصصها فوراً واختبارها في دوائر الأصدقاء والعائلة.

وكشف هارس عن معارضته الأيديولوجية والفلسفية للذكاء الاصطناعي التوليدي، موضحاً أنه لا يستطيع إنتاج أي محتوى من العدم من دون تغذيته بأعمال الآخرين، معتبراً أن ذلك يجعله في جوهره “نوعاً من السرقة”، ومبدياً استغرابه من الاندفاع العالمي لاستخدامه من دون وجود مدونة أخلاقية أو بيان نوايا واضح لكيفية التقدم به.

وأشارت جين تيرتون إلى أن الصناعة تحوّلت بشكل واسع إلى العالم الرقمي وتقنيات تحليل البيانات، الأمر الذي يجعل المحتوى مرتبطًا بصورة أساسية بالتكنولوجيا التي تقود اليوم أكبر موجات التغيير، وأكدت أن هناك العديد من الوثائقيات التي يمكن إنتاجها، سواء بتكاليف مرتفعة أو منخفضة، إلى جانب المحتوى السردي المتاح على منصات مثل يوتيوب، إلا أن التحدي الأبرز يتمثل في قضايا الملكية الفكرية التي يجب مراعاتها، وهي من أبرز الإشكالات التي تواجه قطاعات مثل الألعاب والدراما وغيرها.

ونوهت بأهمية وجود المواهب لخلق الإبداع، وإعطاء ميزة تنافسية لأي عمل على الصعيد العالمي، مع أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير الجانب الإبداعي، وتعزيز الجوانب الأخرى، مؤكدة تقبل الذكاء الاصطناعي والخوف منه في آن واحد.

وأشارت سيندي كوان، المنتِجة الحاصلة على جائزة إيمي والمرشحة للأوسكار، إلى التحوّل المتسارع نحو الإنتاج المستقل، مدفوعاً بالحوافز الضريبية وارتفاع القيمة التجارية للملكية الفكرية الأصلية. وقالت إن صناعة السينما “تمرّ بمرحلة تغيّر واضحة؛ فمن الصعب اليوم أن يحصل فيلم على تمويل من استوديو كبير إذا لم يتجاوز ميزانيته 75 مليون دولار ويستند إلى ملكية فكرية معروفة” لكنها أوضحت أن هذه التحديات فتحت في المقابل “أكبر فرصة متاحة منذ سنوات أمام المنتجين المستقلين للحصول على التمويل والمضي في مشاريعهم.

وأكدت أن تمويل الاستوديوهات التقليدية ليس أمرًا سهلاً، إلا أن القطاع يشهد اليوم فرصًا جديدة لم تكن متاحة من قبل، خاصة في صناعة السينما التي تتمتع بفرص كبيرة وواعدة، وأشارت إلى أن قطاع الأفلام قادر على تحقيق عوائد مالية، وأن الأفراد باتوا قادرين على تمويل أفلام تصل تكلفتها إلى ثلاثة ملايين دولار، مشيرة إلى أن طرق إنتاج الأفلام لم تعد تعتمد على الأساليب القديمة، بل ظهرت آليات تمويل متعددة ومشاريع جديدة يمكن الاستفادة منها في ظل التغيرات الحالية، الأمر الذي يتيح إمكانية إنجاز أعمال أكبر وأكثر تنوعًا.

وأضافت سيندي أن على منتج الأفلام أن يتمتع بالمهارات اللازمة للنجاح في عمله، منوهة بوجود فرص كبيرة عبر استخدام الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن إنتاج أي فيلم كان يكلف الملايين من قبل، باستخدام هاتف آيفون وبمؤثرات رخيصة، وقد ينجح نجاحاً كبيراً.

وتحظى “قمة بريدج “2025، بدعم الشركاء الاستراتيجيين؛ “مجموعة أدنيك” و”مبادلة”، إلى جانب “أدنوك”؛ شريك الابتكار في الطاقة، “مكتب أبوظبي للمؤتمرات والمعارض”؛ الشريك الثقافي وشريك الوجهة، “شبكة أبوظبي للإعلام”؛ الشريك الإعلامي الرسمي، “مجموعة IMI”؛ الشريك الإعلامي الاستراتيجي، “توفور54 أبوظبي”؛ الشريك الإعلامي الإبداعي، “كارتي”؛ الناقل الرسمي، و”فوربس الشرق الأوسط”؛ الشريك الإعلامي الرئيسي. وتشكل هذه الشراكات الأساس لمنصة عالمية رائدة تُعنى بتطوير الإعلام والمحتوى والترفيه، وتعزيز مستقبل اقتصاد صناعة المحتوى.

وبوصفها المبادرة الرئيسة لتحالف “بريدج”، توفر القمة منصة لمعالجة التحديات المشتركة، وتبادل المعارف، واستكشاف مسارات التعاون التي تدعم تطوير منظومة إعلامية عالمية أكثر ترابطاً واستدامة.

يشار إلى أن تحالف “بريدج” منظمة عالمية مستقلة غير ربحية تجمع القادة وصناع السياسات والرؤساء التنفيذيين والمستثمرين والمبدعين والمفكرين والإعلاميين على منصة واحدة للتعاون. ويسهم التحالف في ترسيخ أسس منظومة إعلامية عالمية أكثر ترابطاً، من خلال تسهيل تبادل الخبرات، وضمان توافق الأولويات المشتركة، ودعم التعاون الهادف والبنّاء عبر الحدود والقطاعات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة