تبادل الشكاوى بين مصر وإثيوبيا.. وصور لسد النهضة “تكشف حاله”
خبراء يؤكدون أن صور السد كشفت أنه يعمل بـ"نصف طاقته"

لا يزال التوتر يتصاعد بين مصر وإثيوبيا بعد إعلان أديس أبابا، الثلاثاء الماضي، الافتتاح الرسمي لسد النهضة.
فبعد ساعات من تقدّم القاهرة بشكوى إلى مجلس الأمن ضد ما وصفته بـ”التصرفات الأحادية” لإثيوبيا، ردّت الأخيرة بخطاب مماثل أمس الخميس اتهمت فيه مصر بمحاولة زعزعة استقرارها وعرقلة المفاوضات ورفض مقترحات التسوية منذ توقيع إعلان المبادئ عام 2015.
وفي رسالتها إلى مجلس الأمن، جددت أديس أبابا تمسكها بما وصفته “حقها المشروع” في الاستخدام العادل والمنصف لمياه النيل، واعتبرت أن تمسك القاهرة بـ”الحقوق التاريخية” يعكس “عقلية استعمارية تتجاهل حقوق بقية دول الحوض”.
كما حذّرت الخارجية الإثيوبية من أن لجوء مصر إلى طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية سيُحمّلها المسؤولية عن الأضرار التي لحقت بدول الحوض من خلال استغلالها الأحادي للنهر، بحسب تعبيرها.
جاء ذلك ردًا على خطاب مصر لمجلس الأمن، الذي أكدت فيه أنها لا يمكن أن تغض الطرف عن “مصالحها الوجودية” في نهر النيل، مشددة على أنها لن تسمح بمحاولات إثيوبيا فرض هيمنة أحادية على إدارة الموارد المائية. وأكدت القاهرة أنها متمسكة بإعمال قواعد القانون الدولي في هذا النزاع، خصوصًا في ظل ما وصفته بانتهاكات إثيوبيا الأخيرة في النيل الأزرق وتنظيمها حفلًا للإعلان عن اكتمال وتشغيل السد “المخالف للقانون الدولي”.
مفاجآت من حفل الافتتاح
لكن، رغم الأجواء المشحونة، أكد خبراء مصريون أن صور وفيديوهات حفل الافتتاح كشفت عما وصفوه بـ”المفاجآت السارة” لمصر، رغم محاولات إثيوبيا لإخفائها.
فقد أوضح الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، في تصريحات لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت”، أن الصور كشفت توقف التوربينات عن العمل، مع فتح 4 بوابات من المفيض العلوي، إلى جانب الممر الأوسط المفتوح بالأساس، ما يعني أن كميات كبيرة من المياه تُصرف بالفعل نحو مصر والسودان.
كما بيّن أن الافتتاح الرسمي لأي سد يفترض أن يتزامن مع تشغيل جميع التوربينات، لكن ما ظهر في الحفل يعكس عدم كفاءة تشغيلية، إذ لا تعمل سوى 6 توربينات من أصل 13، ما دفع السلطات الإثيوبية إلى فتح البوابات لتصريف المياه، بعد أن وصل منسوب البحيرة إلى ارتفاع أكثر من 640 مترا، بإجمالى تصريف حوالى 450 مليون متر مكعب.
وأكد استاذ الموارد المائية المصري أن “تشغيل التوربينات أو توقفها لايمنع مرور المياه إلى مصر سواء عاجلا أو أجلا. لكن ما يمكن تأكيده وبوضوح، أن الموقف الحالى هو عدم كفاءة تشغيل التوربينات والمياه ستصل لمصر كاملة هذا العام”.
إلى ذلك، لفت شراقي إلى أن هذا الوضع يضمن وصول كامل حصة مصر المائية هذا العام، موضحًا أن المرحلة الأصعب من عملية ملء البحيرة قد انتهت، وأن المياه ستتدفق عبر إحدى ثلاث قنوات، وهي التوربينات، أو المفيض الأوسط المفتوح، أو بوابات المفيض العلوي الست.
أعباء مالية وسياسية على إثيوبيا
من جهته، قال وزير الري المصري الأسبق، الدكتور محمد نصر علام، لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت”، إن افتتاح السد بهذه الصورة يكشف عن مشكلات فنية خطيرة قد تمس سلامته الإنشائية، إذ إن معظم التوربينات إما لا تعمل أو لم تُركّب بعد، ما يعني أن الهدف الأساسي المعلن من المشروع وهو توليد الكهرباء لم يتحقق فعليًا. وأضاف أن الكهرباء تُباع للمواطن الإثيوبي بسعر مدعوم لا يغطي سوى 10 إلى 20% من تكلفتها، ما يشكل عبئًا ماليًا وسياسيًا على أديس أبابا.
كما أشار علام إلى أن الحل الواقعي الوحيد أمام إثيوبيا هو بيع فائض الكهرباء بأسعار تجارية معقولة لتغطية تكاليف التشغيل والصيانة، وهو أمر لن يتم دون التعاون مع مصر لتمكين عملية نقل وتصدير الكهرباء. ودعا أديس أبابا إلى “التصرف بواقعية والعودة إلى طاولة المفاوضات بما يضمن حقوق جميع الأطراف”.
أزمة ممتدة
يذكر أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد دشن رسميًا السد الثلاثاء الماضي، بعد نحو 14 عامًا من بدء بنائه، ليصبح واقعًا ملموسًا يزيد من حدة الخلاف مع مصر والسودان.
ويثير سد النهضة خلافا حادا بين مصر وإثيوبيا، إذ تتمسك القاهرة بتطبيق قواعد القانون الدولي في نهر النيل، مؤكدة أنها لن تسمح بفرض سياسة الأمر الواقع، وأنها تحتفظ بحقها في اتخاذ ما يلزم من تدابير وفق ميثاق الأمم المتحدة لحماية مصالح شعبها المائية و”الوجودية”.
فيما ترى مصر أن فشل المفاوضات يعود إلى إصرار إثيوبيا، عبر سنوات، على رفض أي حلول فنية أو قانونية تضمن مصالح الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، إضافة إلى نكوصها عن تفاهمات سابقة كانت كفيلة بإنهاء الأزمة.